العودة إلى الأعلى

تعريف الشباب: نحو مرونة في تحديد الفئة العمرية

الدول النامية والأقل نموا بمعدلات نمو سكاني مرتفعة قياسا للدول المتقدمة بحيث أصبحت فئة الشباب هي الشريحة الأوسع من السكان فيها. وفي ظل محدودية الموارد في تلك الدول وقصور سياساتها التنموية فإن فئات الشباب فيها تعاني من التهميش والاقصاء والحرمان الاقتصادي والاجتماعي مما يشكل عقبة تنموية هائلة يتوجب التصدي لها ومعالجتها. بالتالي، فإن معظم المنظمات والهيئات التنموية المحلية والإقليمية والدولية تولي اهتماما كبيرا لقضايا الشباب ومشاكلهم نظرا لأهمية هذه الفئة في تحديد مسارات التنمية في الدول النامية والأقل دخلا، فهي تشكل الرافعة الأهم لعجلة الاقتصاد والتنمية في حال تمكينها وتأهيلها وتدريبها.

وهنا تبرز قضية مهمة جدا وهي تعريف فئة الشباب من خلال تحديد الشرائح العمرية المنضوية تحته، لما له من أهمية بالغة عند تصميم واعداد السياسات والبرامج والخطط والمبادرات التنموية المتعلقة بفئات الشباب وتعظيم الفائدة منها، سواء محليا من قبل الأجهزة والهيئات المحلية أو من قبل المنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية العاملة في المجالات التنموية عموما والخاصة بالشباب على وجه التحديد.
بناء عليه تسعى هذه الدراسة إلى استطلاع ومناقشة التعاريف السائدة والمتعارف عليها لفئة الشباب حسب المؤسسات الوطنية والهيئات والمنظمات الدولية المتخصصة، وإلى تبيان أن التحديد العمري لفئة الشباب المستخدم من قبل معظم الهيئات الدولية والذي يتوقف عند عتبة 24 سنة لا ينسجم بالضرورة مع الظروف المحلية (الاجتماعية – الاقتصادية) لعدد كبير من المجتمعات سيما تلك التي تواجه صعوبات تنموية تعيق من إدماج الشباب في الحياة الاقتصادية والوصول إلى الاستقلالية على نحو مبكر، وأنه يغفل قسم مهم من السكان عند رسم السياسات والخطط المتعلقة بتمكين الشباب ما يساهم في تحولهم إلى عبء اجتماعي ومصدر خطر وتهديد لأمن واستقرار مجتمعاتهم ودولهم بدلا من كونهم مساهمين فاعلين في تنميتها وتقدمها. وتعتمد الدراسة على منهج بحثي واستقرائي وتجميعي وتحليلي للمعطيات والبيانات من مصادر مختلفة منها ما هو موجود على شبكة الانترنت ومنها ما هو متوفر ضمن أرشيف وقواعد بيانات مؤسسة صلتك.
تنقسم الدراسة إلى ثلاثة أقسام: الأول يتطرق باختصار إلى تعريف الشباب من الناحية الاجتماعية، ويستطلع القسم الثاني التعاريف المستخدمة لفئة الشباب من قبل بعض المنظمات الدولية وفي بعض الدول العربية وبعض الدول الأخرى؛ ومنها ما هو متقدم تنمويا ومنها ما هو أقل تنمية. ويعرض القسم الثالث جملة من العوامل التي نعتقد أنها تدعم الفرضية الخاصة بضرورة رفع الحد الأعلى للمجال العمري لفئة الشباب كي يتم تضمينهم في مشاريع ومبادرات التمكين الاقتصادي والاندماج المجتمعي سيما في المجتمعات الأقل تنمية وتطورا.